التناقض

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

قرأت قبل فترة عبارة في تويتر تقول فيما معناه : " الذي يغير أفكاره أو رأيه لا يعد متناقضاً "

شغلتني هذه العبارة صراحةً ..

هل هي صحيحة أم لا ؟

متى أستطيع القول أن من أمامي متناقض ؟

لنعرف.. علينا أن نُعرّف الكلمة أولاً ..

تناقضت أقوالهما أي : تخالفت ، تعارضت ، تباينت

يعني عدم الالتقاء .. شرق و غرب ، العكس ..

لا أنكر .. أحياناً كنت أحكم على من يغير رأيه باستمرار بالتناقض ، و لم أفكر يوماً أن الرأي الثاني قد يكون نتيجة لتغير في الأفكار أو نتيجة التعرف على معلومة جديدة أو استيعاب خطأ أو غيرها ..

نتسرع بالحكم كثيراً لدرجة أننا لا نعطي أنفسنا مجالاً للتفكير و التحليل !

في يومنا الواحد ، بل خلال ساعات محدودة من يومنا تصلنا كمية معلومات هائلة نتعلم منها الكثير ! من خلال دراستنا ، مواقف الحياة ، قراءتنا و تطلعاتنا ، تأملاتنا ، ملاحظتنا ، احتكاكنا بأناس آخرين و غيرها ..

يعني كل يوم تتاح لك فرصة تعلم أكثر من 100 معلومة جديدة بدون مقابل ! عليك فقط أن تسمح لعقلك بتلقيها و تحليلها و التعلم منها ! إن أعجبتك فاحتفظ بها و إن لم تعجبك فأطلقها ..

أنت من تقرر إن كنت ستأخذها أو أن تفوت عليك فرصة عظيمة كهذه !

علمك يزداد كل يوم و نظرتك للأمور تتغير .. و بالتالي فإن آرائك تتغير أيضاً ..

قد تكون تعصبت لفكرة سابقاً أو أصريت عليها أو أعطيت رأيك فيها بشكل ما ، ثم مرت الأيام و تعلمت و أدركت أن حكمك فيه شيء من الخطأ أو أن الأمر لم يعد كما كان ..

كل هذا لأنك كل يوم تكبر و تتعلم و تدرك ..

تتوسع العدسة التي ترى منها الحياة لتضم زوايا أكثر للصورة ..

هذا ليس تناقضاً ..

هذا تعلُّم ..

لا بأس به ما دمت قادراً على تغيير رأيك و التصريح بهذا الشيء ..

و هو مرفوض إن تعلمت و غيرت رأيك لكنك ترفض الاعتراف به خوفاً من "كلام الناس" ..

حقاً .. لا أعتقد أن تغيير الرأي تناقضاً إلا لو لم يكن مبنياً على أساس صحيح كالإدراك و التعلم .. فمن الناس من يغيرون آرائهم للحاق بالآخرين فقط !

أما بالنسبة للشخص الذي يقول عكس ما يفعل و يفعل عكس ما يقول في نفس الوقت و بشكل متكرر ( أي أن لا يكون هذا التصرف نتيجة لظرف معين ) فلا أجد سبباً لعدم تسميته بالمتناقض ..

أحياناً .. تقرأ عبارات أو تمر عليك مواقف تقرر أن تتجاهلها كونها بسيطة أو غير عميقة كما تبدو ظاهراً .. إلا أنها في الحقيقة تحمل لك درس مفيد ..

اعط نفسك مجالاً للتفكير .. خذ وقتك قبل أن تتحدث لا تتسرع أبداً ..

اعط نفسك مجالاً للتعلم من كل شيء حولك ، و لا تحكم على الشيء قبل أن تفهم كل جوانبه ..